سفير دولة قطر لدى الجمهورية اليونانية : الحوار السبيل الوحيد لحل الأزمة الخليجية

  ما السبب الرئيس وراء الأزمة ؟

الواقع أن دولة قطر واجهت ولا تزال تواجه حملة إعلامية شرسة ذات دوافع سياسية تستهدف الدولة وسيادتها، وتقود هذه الحملة أطراف تسعى إلى الإساءة إلى دولة قطر وتحاول شيطنتها عبر ممارسة ضغوطات عليها لإحباط وتشتيت جهودها في دعم الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي. ومن الواضح أن الحملة الإعلامية كانت معدة سابقاً وفق خطة وزعت فيها الأدوار بين عدة جهات تشمل أطرافاً خليجية وأخرى عربية. وسارت الخطة على الشكل التالي:

انطلقت الحملة بعد قمة الرياض العربية والإسلامية، التي شارك فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتاريخ 21 مايو 2017. حيث تضمن خطاب الرئيس الأمريكي إشارة إلى أهمية دور قطر كشريك استراتيجي هام في مكافحة الإرهاب. الأمر الذي يؤكد بطلان ادعاءات هذه الجهات التي تواصل افتراءاتها لربط قطر بالإرهاب.

فجر يوم الأربعاء 24 مايو 2017، تم اختراق الموقع الالكتروني لوكالة الأنباء القطرية ونشر تصريحات ملفقة منسوبة لأمير البلاد.

بعد ساعات قليلة صدر نفي رسمي من مدير مكتب الاتصال الحكومي، لكن الجهات ووسائل الإعلام المشاركة في الحملة على قطر تجاهلت النفي الرسمي واستمرت في حملتها التي بدا واضحاً أنها كانت جاهزة ومعدة بشكل مسبق. وتم شنّ الحملة انطلاقاً من وسائل إعلام سعودية وإماراتية بشكل رئيس، كما تمّ حجب مواقع الصحف القطرية وقناة الجزيرة الإخبارية في تلك الدول.

وما يثير الاستغراب أن الحملة جاءت كذلك بعد اجتماع بين أمير قطر وخادم الحرمين الشريفين في جدة بتاريخ 1 مايو 2017، وعقب اجتماع وزاري لدول مجلس التعاون الخليجي بتاريخ 17 مايو 2017، ثم تلا ذلك قمة الرياض بتاريخ 21 مايو 2017، وفي كل الاجتماعات واللقاءات المذكور لم تبلغ دول الحصار دولة قطر بشأن أي خلافات ثنائية يجب حلها.

إن زعم أطراف الحملة أن قطر تتعاون مع طهران على حساب المصالح الخليجية لا أساس له من الصحة. والدوحة استدعت سفيرها لدى إيران بعد إحراق السفارة السعودية في طهران ولم تتم إعادته حتى اليوم.

كما أن الاتصال الهاتفي الذي تتناوله الحملة بين أمير قطر والرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني بتاريخ 27 مايو 2017، يأتي في إطار البروتوكول السنوي للأمير بالتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك. كما يندرج في إطار سياسات دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الحوار مع طهران.

كذلك نُشرت أكاذيب بشأن زيارة سعادة وزير خارجية قطر لدولة العراق بتاريخ 22 مايو 2017، ولقائه بالجنرال قاسم سليماني، وهذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة. فالزيارة جاءت لتوجيه دعوة لرئيس الوزراء العراقي لزيارة دولة قطر، وفي إطار تسوية قضية الأسرى القطريين الذين كانوا مختطفين في العراق.

المؤسف أن ما تلا تلك الحملة الإعلامية والافتراءات الواضحة كان حصاراً برياً وجوياً لدولة قطر، فضلاً عن قطع العلاقات الدبلوماسية بشكلٍ لا يحصل بين

دولٍ ذات مستوى عادي من العلاقات الدبلوماسية، فكيف والحال بين دول شقيقة يجمعها مجلس تعاون والكثير من الروابط !!

لقد كان واضحاً أن هدف الإجراءات إحداث صدمة وترويع لدولة قطر، ودفعها للرضوخ لمطالب دول الحصار دون تفكير.

تود دولة قطر أن تنتهز هذه الفرصة لتعرب عن أسفها كون الدول الشقيقة الثلاث لم تجد في هذه المرحلة الخطيرة قضية أكثر أهمية ومصيرية لشعوبها من التعرض لدولة قطر ومحاولة إلحاق الأذى بها. كما تستغرب كذلك حصول هذه الحملة الغريبة على منطقة الخليج وأهلها ولم تراعِ حرمة شهر رمضان المبارك، حيث من المفترض أن يتصالح المتخاصمون لا أن يتخاصم الإخوة والجيران.

كيف تقيّمون معالجة إدارة ترامب للأزمة ؟

لا أحد يستطيع أن يتجاهل دور الولايات المتحدة الأمريكية في عالمنا المعاصر كونها القوى العظمى، ولقد سعت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترمب ومنذ بداية الأزمة إلى حث الأطراف المختلفة إلى الجلوس للحوار، وبذلت ومازالت تبذل جهوداً مقدرةً دعماً للوساطة الكويتية ومساعي أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لحل الأزمة.

 وإن من أدلّ العلامات على اهتمام الإدارة الأمريكية المباشر بإنهاء أزمة الخليج، الاتفاقية التي وقُعت مؤخراً بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بشأن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، كما أن مذكرة التفاهم تلك تمّ الإعلان عنها خلال المؤتمر

 

الصحفي المشترك لوزيري خارجية البلدين، وهي تأتي في إطار التعاون الثنائي المستمر بين البلدين الصديقين ونتيجة للعمل المشترك وتبادل الخبرات والمعلومات، كما أنها تعكس العمل الجاد والمناقشات المكثفة التي تمت من أجل تعزيز نتائج مؤتمر الرياض.

 وقطر التي طالما اتُهمت بتمويل الإرهاب أصبحت الآن أول دولة توقع مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية تهدف إلى مكافحة الإرهاب وتمويله، ونأمل أن تكون مذكرة التفاهم التي وقعناها، نموذجاً يحتذى، من قبل دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتوحيد جهود مكافحة الإرهاب.

هل يمكن للوضع الحالي أن يؤدي إلى نزاع أوسع في منطقة الخليج؟

بالطبع هذا آخر شيء نتمنى حدوثه، ونعمل بكل طاقتنا مع الدول الشقيقة والصديقة على تجنبه.

لكن لا بد من أن نوضح أن دولة قطر تستند في موقفها إلى القوانين والمواثيق الدولية، كما أن موقفها أولاً وأخيراً إنساني وأخلاقي. وهي – مع تمسكها بعلاقاتها مع أشقائها وجيرانها -  لا يمكن أن تفرط في سيادتها ولا يمكن أن تسمح لأي طرف بالتدخل في شؤونها الداخلية.

إن دولة قطر لا تزال تصرّ على أن السبيل الوحيد لحلّ الأزمة – التي لا ذنب لها في افتعالها – هو الحوار البعيد عن لغة الأوامر والإملاءات، وهي لا تزال تنتظر عودة أشقائها إلى طاولة الحوار.

هل تتطلعون إلى لعب اليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، دوراً دبلوماسياً في الأزمة ؟

بداية لا بد من التأكيد على متانة العلاقات الثنائية في كافة المجالات وتطورها.

كما تتابعون، فإن دولة قطر ظلت تؤكد منذ بداية الأزمة تفضيلها للعمل في الإطار الخليجي من خلال مبادرة دولة الكويت الشقيقة. ومع ذلك فإن دولة قطر ترحب بأي جهد مساند وداعم للمبادرة الكويتية.

هل تتطلعون إلى قيام اليونان بتزويد سكان قطر بمنتجاتها ؟

إن العلاقات التجارية بين اليونان وقطر قائمة منذ فترة، وهي في تطور نوعي وكمي. كما أن الجالية اليونانية في قطر تسهم في نهضة البلد في أكثر من مجال. وسوف يكون من دواعي سرورنا أن نستطيع زيادة المعاملات التجارية بين بلدينا وتطويرها بحيث يصبح البلدان شريكين تجاريين، إضافة إلى كونهما بلدين صديقين. وترحب دولة قطر بالتعاون مع دولة اليونان الصديقة في كافة المجالات، لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.

أخيراً، ما توقعاتكم لمستقبل الاستثمارات القطرية في اليونان، التي هي باب للدخول إلى أوروبا كذلك ؟

إن دولة قطر تسعى بشكل دائم إلى زيادة استثماراتها وتعاونها الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الدول الشقيقة والصديقة. وهذا بالطبع ما نعمل عليه

مع الجهات اليونانية المختصة، لا سيما العمل على إبرام الاتفاقيات اللازمة بين البدين لتسهيل عمليات الاستثمار.

ولا شك أن ما تتميز به اليونان من موقع هام على الخارطة الجغرافية، يجعلها تشكل مقصداً استثمارياً واسعاً.

وكما تعلمون فإن دولة قطر قررت رفع إنتاجها من الغاز المسال من 77 مليون طن سنوياً إلى 100 مليون طن، ما يعني المزيد من الاهتمام بالاستثمارات العالمية.